أردتُ أن أبكي ...
فعزَّت بني كبريائي ...
أردتُ أن أصرخ .. وأستخيثُ
بحضنٍ ليأوي نفور مواجعي ..
أردتُ .. أن أرمي بأثقالِ
الهموم فوق صدري .. وأن
أنفذُ من غزير سيول دمي ..
أردتُ .. أن أمسك مسطح قلبي
لامستهُ ..
وردني بجبروتٍ .. كردي لغيري
من أهلي ..
فأردتُ .. أن أخرج بأوجاعي ..
وأن أبعد .. الأفكار من قضت على
روحي ..
وجعلتني .. أعاني الصداعاتِ ..
من المنتصفِ حتى الكلي ..
فأردتُ .. أن أبتعد لكي لا أشكو
ألمي .. ولكي أحفظُ خيبتي
وغدر الزمن بأحوالي .. لكي ألملم
وأداري .. ولأحمي نفسي من وجعٍ
قد يطرق بابي .. ويدخل دون أستئذاني ..
وأردتُ ..
أن أأتي لفراشي .. وأبكي إلى أن أكتفي
فوجدتُ دمعي ..
جافٍ .. يريد تعذيبي ..
وكأن الدمع .. يعلنُ عن جبروته كجبروت
النفوس بحقي ..
فيبكي قلبي .. يبكي قلبي .. وعيوني تبرقُ
بمآسٍ تتكلم .. وتشكو
سوء نفسي .. وصعوبة أستنشاقِ الهواءِ ..
فأردتُ ..
أن آتي بشيءٍ ليذهب بأوجاعي .. فأجد تنهداتي ..
تشتغيثُ تطلب الدواءِ .. فكبدتُ على نفسي ..
إلى ان تعصرت مشاعري .. وانهملت دموعي ..
كنيرانٍ على خدودي ..
وأبدو .. كروحٍ في جسدٍ .. روحٍ متجمدةٍ ..
لا تعنيها تجمد الجليدِ .. لا تجيد الحراكِ ..
تنظر لما هو فوق السحاب .. وتتأمل تقلّب
الطقوسِ .. وتشتكي
علَّ ما هو من الهواء .. بنسيمه .. يجيد
مداراتها وتسحب من الأنفاسِ .. إلى أن يقتصر
العمرِ ..
وأكون روحٍ .. وعدت بأجل محددٍ ..
وهاهي .. تحتضر ..
..
فأردتُ .. أن أرتدي ثوباً لاحدٍ كالطيرِ
بصورةِ الإنسان .. وأصطنع أجنةٍ
كأجنحةِ الطائرة .. وأبعد لبعيد .. فوجدت
عقلي .. يسرفني ..
إلى أي الأماكن أريد .. فقليلاً ..
وأغفو .. وفكري معلقٍ .. يردد بعض الألحان ..
..
وأعاني الهلوسة .. وأردد بكل ألمٍ وأنين
لمعاناةٍ .. لا هنالك من يدري بتكوينها سوى نفسي ..
..
فهاهي تقرع الأجراس من حولي .. وتتحرك عقارب
الساعة .. ولازال الإنتظار .. قيد السيرِ ..
..
فأردتُ .. وأردتُ أن أبكي .. ومن بحر دمعي ..
أردتُ .. بمساري ..
الغرق .. ومن ثم مشاهدة .. اخبار أختفائي ..
..
وتفتح مجلدات خواطري .. فيعرف غرقي
أو انتحاري ..
..
فكان أرادتي .. أن أبكي ليخرج الألم .. من عششَ
في الشرايينِ .. إلى أن خلى النبضِ
كنبضِ .. قريباً .. وأحتاج لتجديدٍ
فكل ما أملكْ .. على وشك الأنهيارِ ..
..
أن أبكي .. فكانت صدمتي .. عندما وجدتُ
أن قدر الدمع المقدر للمرءِ للذرفِ ..
قد نفذِ عن الحد المعقولِ .. فكم للآلام بالتدرج ..
والأستحباس ..
فكانت صدمتي .. ولأجل صدمتي ..
بستانٍ لزهرٍ بائسٍ ..
كحروفي في هذه الليلةِ .. حيثُ أجلسُ
معانقةٍ قلمي .. وأشتكي
وحشة الليل .. ووحشة مشاعري .. ووحدتي
من تمسك بروحي .. فأفتقد توأم الروحِ ..
..
وأفتقد السلم في أرضي .. في شوقٍ لمن فارقني
وفي حيرةٍ بأمر من بسهامٍ غزا بقلبي .. وفي
تعجبٍ من الأنام ومكانتي .. من النفوسِ ونفسي ..
..
فأفتقدُ الأمل .. ما بين نسيمٍ بين فراغ الكلماتِ ..
وأفتقدُ .. النور ِ .. فأكتبُ ولا أجد
من هنالك من أحدٍ معني ..
فقط أشتكي حاجتي .. ومن ردني ..
ونهايةٍ ..
دخلتُ لمكانٍ .. لم يراني سوى الخالقِ
وأجهشتُ ببكائي ..
وبضعفي .. للموت .. بنومي خلدتُ ..
فرأيتُ ..
جثةٍ لإنسانةٍ .. فكان الكفن ..
مغطٍ .. الجسد والوجهِ .. فعلمت وأعلم ..
أن الكفن ..
هو كفن قلبي ..
فأنه يصارع التيارِ .. ويناقضُ المسالكِ ..
..
ففي سطورٍ .. أستودعتها بصمودٍ .. وعدت إليها
بأنكسارٍ .. وغيثانٍ ..
.
يقضي على ضلوعي ..
فان قلبي ..
ما بين راحتاي كفنهُ ..
فأحاول وفي تفكرٍ كيف لعلي غسلهُ ..
ومن ما أغسلهُ ..
فأنه نظيفٍ , أبيضٍ ...
مثقلٍ بالأحزانِ .. والأوجاعِ ..
ولهذا ..
أفرغت أوقاتي ..
ولامست قلمي .. وبصمت بما أردتُ ..
..
فأردت أن أبكي ..
لينتهي مد الحزنِ , الأوجاعِ ..
ليموت قلبي ..
وليعود ..
فأردت .. وأردتُ أن أبكي ..
وبكيت ..
وبكيت .. وبكيت .. وبكيت
وهذا ما عنيتهُ .. بموت قلبي
الإثنين 8 سبتمبر - 16:35
