تجلّى . أي ظهر الله تعالى للجبل فرآه الجبل مرأى العين فلم يستطع الجبل الصمود أما رؤية الخالق عز وجل فأندّك الجبل وخر موسى عليه السلام صعقا من هول الموقف فلما أفاق قال سبحانك تبت اليك وانا اول المؤمنين أي انا أول من يؤمن بأنك لم ولن ترى في الدنيا .
وعندما أُسري بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم الى بيت المقدس ثم عرج به الى السماء عندما رأى محمد صلى الله عليه وسلم نور ربه عز وجل كما ذكر في حديث أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ فقال: "نور، أنى أراه". رواه مسلم
ان أهل الجنة عندما يرون ربهم عز وجل فكأنهم لم يروا نعيما قبله قط فرؤية الله عز وجل هي من أعظم النعم في الجنة
يبين ذلك أن في الصحيحين من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد عن أبي هريرة : { أن الناس قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا . يا رسول الله . قال : فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا . قال : فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله فيقول : أنا ربكم فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه ; فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون فيقول : أنا ربكم فيقولون : أنت ربنا فيعرفونه ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من جاوز من الرسل بأمته ; ولا [ ص: 492 ] يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان ؟ قالوا نعم . قال : فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم المجازى حتى ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ; فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار - وهو آخر أهل النار دخولا الجنة - فيقبل بوجهه قبل النار فيقول : يا رب اصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيقول : هل عسيت إن فعل بك ذلك أن لا تسأل غير ذلك ؟ فيقول : لا وعزتك فيعطي الله ما شاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل به على الجنة ورأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال : يا رب قدمني عند باب الجنة .
فيقول الله له : أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت ؟ فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك . فيقول ; هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن لا تسأل غير ذلك ؟ فيقول : لا . وعزتك لا أسأل غير ذلك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول : يا رب أدخلني الجنة . فيقول الله : ويحك يا ابن آدم ما أغدرك ؟ أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير [ ص: 493 ] الذي أعطيت ؟ فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله منه ; ثم يؤذن له في دخول الجنة فيقول : تمن . فيتمنى حتى إذا انقطعت أمنيته قال الله : من كذا وكذا أقبل يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني قال الله : لك ذلك ومثله معه }